قصة سليمان ابن
داود عليه السلام
قال الحافظ ابن عساكر:
هو سليمان بن نبي الله بن نبي الله.
جاء في
بعض الآثار أنه دخل دمشق
قال
الله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ
دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ
الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ
الْفَضْلُ الْمُبِينُ}
أي:
ورثه في النبوة والملك، وليس المراد ورثه في المال، لأنه قد كان له
بنون غيره، فما كان ليخص بالمال دونهم.
ولأنه قد ثبت في الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا نورث ما تركنا فهو صدقة)).
علمه بمنطق الطير و الحيوان
وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ
عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} الآية
يعني أنه عليه السلام كان يعرف ما يتخاطب به الطيور بلغاتها، ويعبر
للناس عن مقاصدها وإرادتها.
حدثني أبو مالك قال:
مر
سليمان بن داود بعصفور يدور حول عصفورة،
فقال لأصحابه:
أتدرون
ما يقول؟
قالوا:
وما يقول يا نبي الله؟
قال:
يخطبها إلى نفسه ويقول: زوجيني، أسكنك أي غرف دمشق شئت.
قال سليمان عليه السلام:
لأن
غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها أحد، ولكن كل خاطب كذاب.
وكذلك ما عداها من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات والدليل على هذا
قوله بعد هذا من الآيات
{وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}
أي:
من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات، والجنود، والجيوش،
والجماعات من الجن، والإنس، والطيور والوحوش، والشياطين السارحات،
والعلوم والفهوم، والتعبير عن ضمائر المخلوقات، من الناطقات
والصامتات.
كما
قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ
جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ
يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ
نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا
يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ *
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي
أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى
وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي
بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}.
يخبر تعالى عن عبده، ونبيه، وابن نبيه سليمان بن داود عليهما
الصلاة والسلام، أنه ركب يوماً في جيشه جميعه من الجن والإنس
والطير، فالجن والإنس يسيرون معه، والطير سائرة معه تظله بأجنحتها
من الحر وغيره، وعلى كل من هذه الجيوش الثلاثة وزعة، أي: نقباء
يردون أوله على آخره، فلا يتقدم أحد عن موضعه الذي يسير فيه، ولا
يتأخر عنه.
قال
الله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا
عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ
ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ
وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
فأمرت، وحذرت، وأعذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور.
والمقصود أن سليمان عليه السلام فهم ما خاطبت به تلك النملة لامتها
من الرأي السديد، والأمر الحميد، وتبسم من ذلك على وجه الاستبشار،
والفرح والسرور، بما أطلعه الله عليه دون غيره.
ولهذا قال:
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي
أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً
تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ}